ads

أخبار الموقع

عبد الحليم حافظ.. وعقدة الفقر! - مجلة اخر ساعة 1967

عبد الحليم حافظ.. وعقدة الفقر! 



 مجلة اخر ساعة 1967

اعداد رضا المحمدي



عرفت عبد الحليم حافظ، منذ ان كان عبد الحليم شبانه.. 

عندما كان شابا فقيراً يناضل حتى يصل.. وكان الفقر كان يدفعه الى الصبر..

 والى التفكير العميق في احسن وسيلة للوصول.. 

وعرفته بعد ان تخرج حديثاً في قسم الالات.. 

بمعهد الموسيقى مع زميله كمال الطويل خريج قسم الاصوات.. 

 وكنا – نحن اصدقاءه – نمسعه يحاول ان يغني.. 

فيقلد ام كلثوم في اغنياتها الحزينة"ظلموني الناس".. ونصفق له بعد ان ينتهي، 

ونؤكد له ان صوته جميل وانه يستطيع ان يهجر آلة"الفلاوت"التي قطعت نفسه،

 ليغني ويطرب الناس بصوته الحنون! وما كنا نتوقعه له حدث.. ففي عام 52.. 

ظهر صوت عبد الحليم حافظ لأول مرة على الناس.. وكان لظهوره وقع ضخم.. 

فقد اوقفت صعود اصوات كانت في بداية الطريق.. وكان له تأثير على اصوات اخرى..

 وصلت بالفعل.. وساعد على ظهور اصوات ثالثة حاولت ان تقلده! 

وكان ظهور عبد الحليم شيئاً طبيعياً ومنطقيا

 ففي فترة ظهوره كانت الطبقة الوسطى تنمو وتتركز في المدن.. 

وكان غناء عبد الحليم يهيئ عن طموح وامال هذه الطبقة المتوسطة.. 

ومع التطور الاجتماعي والسياسي.. تطور غناء عبد الحليم.. 

ولعل هذا التطور هو سر استمرار صوت عبد الحليم في دنيا الغناء..

 فعندما احتاجت معاركنا السياسية الى المشاركة الفنية..

 استطاع عبد الحليم ان يجعل من الاغنية مقالا سياسيا تردده الجماهير.. 

حتى ان صحيفة"التيمس اللندنية قالت عنه ذات مرة انه احد الاسلحة الحربية

 التي يستخدمها عبد الناصر في نشر رسالة الثورة! 

وعند صدور قرارات يوليو الاشتراكية في عام 61.. تغير الوضع الاقتصادي، 

وبدأت الطبقات الجديدة من الفلاحين والعمال تنمو.. 

ونظرا لان هذه الطبقات لم تكن هي جمهور عبد الحليم..

 فان نجاح مطرب الطبقة المتوسطة بدأ يتوقف بالعمل بعد اغنية"فوق الشوك"..

 فلم تلق الاغنيات التي ظهرت بعد ذلك مثل"احبك.. وحبيبها.. وضي القناديل

"النجاح الذي تعودت اغنياته الاخرى ان تلقاه.. ومع توقف نجاح هذا النوع من الغناء..

 بدأت جماهير الشعب تتعطش الى نوع آخر يتمشى من الطبقات الجديدة 

التي نمت وحصلت على حقوقها الشعبية..

 وعلى الفور اقتنص عبد الحليم الفرصة بعد قرارات يوليو الاشتراكية.. فظهرت الالحان..

 وتمكن بالعمل من ان يكون المطرب الشعبي الاول في عالم التوبة والمزين سلامات.

 وهكذا نجد ان ذكاء عبد الحليم كان خلف كل هذا النجاح.. 

عقله الواعي كان اساس احتفاظه طوال هذه الفترة 

بلقب المدرس الاول في دنيا الطرب في بلادنا..

 بل ان عقله ايضا هو المسيطر الاول على صوته!..

 فهو الذي يديره في حساب واقتصاد.. وهو الذي يشحنه بشحنات متفاوتة من العاطفة..

 حسب ما يريد ان يعبر عنه من الم او حنان او حرمان او لوعة او مرارة..

 ترى.. ماذا يمكن ان نجد ايضا.. في عقل عبد الحليم؟ قرب الحادية عشرة،

 او بعدها بقليل.. يستيقظ عبد الحليم حافظ كل صباح.. ليشرب فنجان الشاي

 وهو في الفراش.. ويقرأ الصحف الثلاث قراءة واعية.. 

يحاول عبد الحليم ان يشبه الصحف بالرجال.. 

يقول: * الاهرام: رجل واع ومطلع ويتسم بالصدق في حديثه.. 

وهو رغم انه يرتدي دائما الملابس الكلاسيكية. فان له عقلية متطورة! 

* الاخبار: شاب خفيف الدم، سريع الحركة ملابسه"سبور"دائما.. 

احيانا يقول اشياء لا يفعلها احد! * الجمهورية: اصبحت اخيرا.. 

تشبه رجلا رسميا مسئولا عن التوعية.. يرتدي الحلة الرسمية.

 *** مكتبة عبد الحليم تحتل مكانا كبيرا في شقته الفاخرة بالزمالك..

 ولا تستطيع ان تعرف بالضبط – لكثرة ما فيها من كتب لكتابنا المصريين

 والكتاب الاجانب – من هو الكاتب المفضل لدى عبد الحليم.. 

فالمكتبة تكاد تضم معظم مؤلفات الكتاب المصريين المعاصرين..

 ومجموعات من القصص القصير للادب الاوربي المعاصر

 التي تصدر في طبعة واحدة تضم اكثر من كاتب..

 ونظرا لان المكتبة العربية كلها – تقريبا – مهداة من اصدقائه المؤلفين انفسهم.. 

ونظرا لان الكتب الاجنبية يبدو واضحا انه اشتراها من رحلاته في الخارج 

ربما لقطع الوقت في قطار او طائرة.. فان تضخم مكتبته ليس قليلا على انه دودة كتب!..

 يقول عبد الحليم حافظ: انا افضل ان اقرأ دائما كتابا جديداً لنجيب محفوظ في الرواية،

 وليوسف ادريس في المسرحية.. لماذ؟.. لاني اشعر بمصريتهما وصدقهما!.. 

عبد الحليم.. يحاول ان يعتز عن رأيه في الكتاب الذين يقرا لهم.

 * نجيب محفوظ: مؤرخ روائي مبدع.. كنولستوي في الادب الروسي.. 

مرارة الفقر هي عقدة رواياته.. انه يحارب الفقر باغنى اسلوب.. 

كل التصرفات الشاذة لابطال قصصه مرجعها الفقر.. تريد مثالا؟.."القاهرة الجديدة"..

 التي ظهرت على الشاشة باسم"القاهرة 30"بطلها شاب فقير جداً.

 اضطر ان يكون انتهازياً ليصل.. ان انحلاله بسبب الفقر. 

* يوسف ادريس: كمسرحي.. مصدر ممتاز للبيئة والشخصيات الثابتة من هذه البيئة..

 ويمتاز بعين الناقد وهذا واضح جدا في مسرحياته.. ودائماً تخرج في النهاية برأيه

 الواضح الذي يقوله بصراحة.

 * احسان عبد القدوس: كاتب عصري يناقش مشاكل الشباب ويدل برأيه فيها بوضوح..

 وهو ليس كاتباً جنسيا.. ولكنه مراة تنعكس عليها حقائق قد تؤلم الكثيرين.. 

ولكننا اذا كسرنا المرآة فلن نرى الحقيقة!؟ 

* يوسف السباعي: يمتاز باسلوبه المشرق الباسم الساخر

 في عصر كبير من كتاباته الساخرة التي تناقش قضايانا الاجتماعية..

 ويثير اعجابي ايضا عندما يتسم بالواقعية والتاريخية.. 

وهو في كتاباته الواقعية يدل برايه من السطر الاول كانه يقول:"عاجبك اقرأ.. 

مش عاجبك بلاش..!" 

* مصطفى محمود: احسن كتابنا السائلين..

 وهو يسأل اسئلة تبدو للقائ بديهية.. 

بحيث انك عندما تقراها تدهش كيف لم تسال نفسك هذه الاسئلة من قبل؟..

 وهو فيلسوف.. له شخصية مصرية جداً.. وكل فلسفته نابعة من اعماق مصر..

 * انيس منصور: هو صاحب الاسلوب اللي عمرك ما تتنكد وانت تقرأه"؟

.. فاسلوبه سريع الحركة خفيف الم.. جديد دائما سواء في المقال الصحفي

 او العمل المسرحي.. وهو من الكتاب الذين يجعلون الحياة في اعيننا..

 وهو ناقد قاس في معظم الاحيان ايمانا منه بانه لكي ينتقد لابد ان يكون حادا وصريحا..

 وهو علمي ايضا وقارئ من الدرجة الاولى وان كان لا يقول للناس في كتاباته

 انه قارئ.. ولكن صدقه في اختيار الكلمة والتعبير والمعلومة يؤكد ذلك.. 

وهذه هي بساطة العالم. واسأل المطرب الشاب: - والكتاب الاجانب: 

ويجيب: - احب ان اقرأ دائما الادب الروسي.. تشيكوف روستويفسكي وتولستوي..

 ومن الادب الاوروبي اعشق سارتر..

 وقد انتهيت اخيرا من قراءة"موافقه"من 6 اجزاء.. 

وهي في رأيي اخطر دراسات عصرية يمكن ان يضع القارئ يده عليها! 

عبد الحليم حافظ جاب انحاء العالم اكثر من مرة.. احيانا من اجل العلاج.. 

واحيانا اخرى من اجل الاستشفاء.. واحيانا ثالثة للسياحة يقول حليم: 

* في انجلترا: الكيت القديم الذي اشتهرت به الاسرة الانجليزية المحافظة.. 

ولد ذلك الضياع الكامل الذي يعيش فيه الشباب الانجليزي الان..

 ان انطلاقه الشباب الانجليزي في عصر القلق كانت نتيجتها الانحلال الكامل!..

 وفرقة (البتيلز) ليست مجرد تقليعة..

 وانما هم شبان اذكياء استغلوا الاحساس بالقلق والانطلاق في تكوين هذه الفرقة!.

 والانسان الانجليزي ليس ذكياً.. وانما ذكاؤه يبدو في نظامه وطاعته للقوانين والانظمة!

 * المانيا: معروفة بشعبها العامل الذي يعبد بلاده. لكنه ليس شعباَ ذكياً.. 

ولذلك فان الالماني الذي يستطيع ان يقود بلاده لأن الشعب سيؤلهه.. 

وهذا ما حدث مع هتلر! 

* فرنسا: هناك فق كبير بين كل مدنها وبين عاصمتها باريس.

 فباريس ليست مدينة للفرنسيين وانما لكل الجنسيات.. 

فالشعب الفرنسي نفسه شعب معقول جداً.. 

وغير المعقول في باريس ليس من صنع ابناء باريس.. 

وفي باريس تجد الفن والمعابد والاناقة والجمال.. 

فهي مدينة النور وصناعة السياحة.. وقد سلمها ابناؤها لهتلر حتى لا يهدم فيها شيئاً..

 وهذا دليل على ان الشعب الفرنسي شعب ذكي!. 

* السويد: شعب وصلت نسبة الثقافة فيه الى 98% تقريباً.. 

ووصلت درجة الامان في حياتهم الى الحد الذي جعلهم يحبون بلا مشاكل..

 فكل شيء تيسره الدولة وبلا تكاليف.. 

وبلا عقد وكما يستطيع الانسان ان يأكل ويشرب يستطيع ايضا ان يصنع علاقة جنسية..

 ولذلك فالحياة في السويد خالية من الصراع والتعقيد!.. 

* امريكا: شعب يؤلمه انه ليس له تاريخ 

وهو يحاول في كل الاتجاهات ان يصنع هذا التاريخ.. 

وفي عام 53 بدأ الناس يسمعون عن عبد الحليم حافظ 

عندما خرج لمن"صافيني مرة"من حفلات حديقة الاندلس.. 

وفي عام 54 كان عبد الحليم قد انتشر مع انتشار كلمات

 اغنية"على قد الشوق"التي رددها كل الناس.. 

وفي نفس العام ظهر له فيلمان هما (ايامنا الحلوة) مع فاتن حمامة وعمر الشريف

 و"وفاء"مع شادية.. وقد اشفقت على عبد الحليم عندما رأيت هذين الفيلمين..

 فقد توقعت ان يفشل كممثل.. ويجر معه هذا الفشل عبد الحليم المطرب ايضاً! 

لكن عبد الحليم تطور بسرعة.. في التمثيل والغناء..

 انه يقول: والسبب انني عندما انتهي من اي عمل فني..

 اشعر انني قد وضعت يدي على شيء آخر جديد.. 

فانا احس دائماً قبل اي عمل اقدم عليه انه لابد لي ان اقدم فيه جديداً..

 - الا يضايقك ان يطلب منك الناس 

اذا ما خرجت على المسرح الان اغنية قديمة لك كأفنية"صافيني"مثلا.. 

الا يعني هذا ان كل جديد لك ليس له قيمة؟ -

 بالعكس.. انه يعني ان كل ما فعلته خلال 14 عاما..

 لم يؤثر على قيمة الماضي! 

قلت له: وفي السينما.. الا يراودك ان تفعل كما فعل فرانك سيناترا.. 

فتحرق افلامك القديمة؟.

 اجاب: انا تقدمت كثيرا فعلا في التمثيل ولكن لا يضايقني ان ارى فيلما قديما لي.. 

لان كل عمل فني مرتبط بظروفه ووقته. 

- قلت: وطموحك في السينما؟ -

 اجاب: المفروض ان ابدأ في منتصف مايو القادم 

تصوير الفيلم الانجليزي"مستر جونيور".. 

وهو دراما غنائية اغني فيه اغنيات عربية وانجليزية.. 

سألته هل هي عقدة"العمر يزم"التي اثارها احسان عبد القدوس؟

 اجاب: انا لم افكر في ان افعل كما فعل عمر الشريف.. انا مرتبط ببلادي جداً.. 

وكل ما اقدمه من فن لبلدي هو دائما احسن ما استطيع ان اقدمه.. 

وقطعا لن اشغل نفسي باعمال فنية في الخارج تمنعني من العودة لاقدم فني لبلدي.. 

لاني مطرب ولست ممثلا فقط.. 

ولكنني على استعداد لان اشترك في فيلم سينمائي في اي بلد في العالم

 مادام عملا فنيا جيداً.. ولقد حددت بنفس موعد تصوير هذا الفيلم واشترطت ان يكون..

 اما في منتصف مايو حتى ينتهي بنهاية يونيو..

 او ابتداء من اغسطس حتى اكون قد انتهيت من حفلات 23 يوليو..

 واذا كنت امل شروطي بهذا الشكل في اول فرصة لعمل فني عالمي يتاح لي..

 فلا شك ان هذا يؤكد ارتباطي ببلادي..









ليست هناك تعليقات