ads

أخبار الموقع

دراسة في صوت عبد الحليم حافظ - مرحلتان في صوته... فصلت بينهما أغنية نار يا حبيبي...

من سلسلة حتى الخميس القادم المنشور على صفحة عش الأسطورة


اعداد الأستاذ توفيق قاسم العقابي





مرحلتان في صوته... فصلت بينهما أغنية نار يا حبيبي....
 
دراسة في صوت عبد الحليم حافظ...

 نشرت في جريدة الأهرام يوم 6 ابريل 1977...

 أعدها مصطفى الضمراني أتجه الملحق الفني الى علماء الأصوات وخبراء الموسيقى

 ومهندسي الصوت والتسجيل الذين صاحبوا عبد الحليم حافظ طوال رحلته الفنية

 من خلال عمل متواصل أستغرق ربع قرن من الزمان، وذلك لمعرفة التحليل العلمي

 لصوت حليم بعيداً عن كلمات الرثاء والآلآم التي عبر بها الفنانون عن رحيل صديق

 عمرهم وفنانهم الكبير، ماذا كشفت أجهزة القياس الألكترونية والتحاليل الصوتية

 في صوت عبد الحليم حافظ وماذا قالت في طبقات صوته وفي مدى كفاءته

 وقدرته على التحكم في النغمات؟؟؟؟؟

. يقول د.يوسف شوقي الذي درس وحلل اصوات كل من غنى.. 

وقرأ القرآن على القياس الصوتي الألكتروني...

 عندما نطقت أجهزة القياس الألكتروني والتحليل الصوتي

 بمميزات صوت عبد الحليم حافظ كانت خطوط التحليل ذات صفة متميزة تماماً 

عن كل الأصوات العربية (رجالاً) والتي كانت تغني في مصر منذ عام 1902

 وحتى سنة 1973، وهي الفترة التي كان يغطيها البحث في اصوات الغناء العربي، 

وهذا يفسر السبب في ان عبد الحليم أحتل مكاناً راسخاً في عالم الغناء

 ولأنه كان صوتاً فريداً لم يقلد أي صوت أخر من معاصريه أو من سابقيه... 

ويضيف د.شوقي عند قياس ترددات النغمات في صوت حليم كشفت الأجهزة

 عن ميزة أخرى يتمتع بها صوت حليم وحده ذلك أن كل أصوات الغناء العربي

 باستثناء صوت عبد الحليم في مصر وفيروز في لبنان كانت تغني درجات السلم

 الموسيقي العربي الطبيعي مما يدل على اصالة تلك الأصوات، 

أما في صوت عبد الحليم فبالأضافة الى أنه كان يغني درجات السلم الطبيعي

 غناءاً صحيحاً وهذا يدل ايضاً على اصالة صوته 

الا أنه كان يتميز بدقة أداء أصوات السلم الموسيقي المعتدل

 الذي يصدر عن أصوات الأوركسترا فقط وهذا يدل على علو مستوى التدريب الفني

 والقدرة على التحكم في نوعية النغمات التي يحتويها صوت عبد الحليم،

 وربما كان هذا يرجع الى أن حليم بدأ حياته عازفاً على أحدى الآت الأوركسترا 

وهي آلة (الآبوا) فترك هذا بصمة خاصة على صوت العندليب الأسمر..

 ويقول د.شوقي لقد كشفت عمليات التحليل والقياس أيضاً عن مرحلتين متميزيتين

 في حياة صوت عبد الحليم حافظ والحد الفاصل بينهما أغنية (نار ياحبيبي نار)...

 قبلها لم تكن أثار المرض تبدو في تحليل صوته...




 ثم بدأت هذه الأثار تتزايد ويقل معها أنتاج عبد الحليم ،

 وهذا يكشف عن قدر المعاناة الأنسانية التي كان يمر بها الفنان الراحل

 ليبقى مع درب الكفاح الفني، ولو لم تكن تلك الأجهزة على درجة عالية من الحساسية

 لكان من الصعب الكشف عن هذه الظاهرة لأنه فيما يبدو كان عبد الحليم

 يبذل اقصى جهد انساني حتى لا تتسلل هذه الأثار الى صوته الذي بقى شاباً 

حتى أخر نسمة من نسمات الحياة.

 ويقول أحمد فؤاد حسن رئيس الفرقة الماسية التي صاحبت حليم على مدى ربع قرن:-

 أن صوت حليم هو أول صوت مصري سليم يخرج عن تأثير الطابع التركي في الغناء

 وذلك كان علامة على طريق الغناء العربي، ولم يستطع أحد أن يقلده رغم كثرة

 المقلدين، وقد أكسبته دراسته الموسيقية سلامة صوتيه قل أن تجدها في آخرين.. 

كما أكسبته دراسته للآلآت الموسيقية بمختلف أنواعها ميزة نادرة أنفرد بها 

من بين اصوات الأخرين..

 وعبد الحليم في النهاية آلة موسيقية بشرية نادرة حسنة الصنع

 لايمكن للكثيرين أن يصنعوها وهو المطرب الوحيد 

الذي يعبر بالآلة التي يملكها عن كل العواطف البشرية 

من سعادة أو حزن أو شجاعة أو أقدام أو حرب او سلام أو حب أو خصام... ألخ،




 أو حتى في التغني بالطبيعة وجمال الكون، ولذلك أستطاع عبد الحليم

 أن يملك الأمكانيات التي عن طريقها يستطيع أن يخدم الأغنية المصرية والعربية معاً

 حتى أصبحت كما يؤديها الآن... 

 كما ان نشأة عبد الحليم الريفية أكسبته طابعاً فنياً مصرياً خالصاً 

ومصريته لم تقف عند حد الكلمة واللحن والأداء 

بل تخطتها الى الفرقة التي يقوم بتقديم أعضائها في كل حفل كل باسمه

 والآلة التي يعزف عليها مما يترك في نفس العازفين شيئاً من الأحساس بالتقدير الأدبي

 الذي كان ينعكس بعد ذلك على العملية الفنية نفسها 

وهذا ايضاً طابع مصري في سلوك عبد الحليم.

 اما مرسي جميل عزيز الشاعر

 الذي جاد بأحلى ماغناه عبد الحليم على مدى 25 عاماً يقول:-

 أن عبد الحليم حافظ اعطى للأغنية الشخصية المصرية الحقيقية المعاصرة

 التي تتمثل في اللحن البسيط الراقي والكلمة البسيطة

 والحلوة لدرجة انه لو غنى اغنية بلغة أجنبية ولحن أجنبي يستطيع بطريقته في الأداء

 أن يحولها الى نغم وأحساس مصري.... كان عبد الحليم يقيم في كل حفل من حفلاته

 الغنائية عرساً للكلمة واللحن معاً وكان كل منهما في ليلة عيد 

بل كان عبد الحليم سياجاً وحصناً للكلمة الحلوة ضد الهبوط والغث والهيافات

 التي أنتشرت في الفترة الأخيرة... 

أنني اخشى ما أخشاه أن تنتهز هذه الهيافات الفرصة في غياب عبد الحليم

 لتزداد أنتشاراً وتكن الكارثة ونندم بعد ذلك على مصريتنا في الكلمة واللحن

 (وقد كان لاحقاً).... أن عبد الحليم كان حماية للأغنية المصرية وعنواناً لأجادتها

 والأرتفاع بها الى العالمية في الأداء.. 




لقد كان يحمل امانة توصيل الكلمة الجيدة واللحن الجيد

 والأداء الممتاز لجماهير الأمة العربية... 

أنني وأنا الذي قدمت لحليم معظم ماغناه للناس

 كنت أشعر معه بالأطمئنان على مستقبل الأغنية والثقة في تطورها وتقدمها على يديه...

 والآن أضع يدي على قلبي خائفاً مرتعشاً على مستقبل الأغنية العربية بعد رحيله...

 ويقول نصري عبد النور مدير أستديوهات هيئة السينما 

والذي قام بتسجيل جميع اغنيات أفلام حليم واغنيات حفلاته العامة

 على مدى ربع قرن قال:-

 أن عبد الحليم هو المطرب الوحيد الذ كان يطبق العلم على فن الأغنية 

وقد كان حريصاً على أن يبحث في كل رحلاته الى لندن وباريس ومختلف دول العالم

 عن الآلآت الجديدة المتطورة 

والتي تخدم الموسيقى ولم يتردد في شراء آلة موسيقية مهما أرتفع ثمنها 

مادام يعرف أنها تضيف جديداً الى الموسيقى وتضفي حلاوة على الصوت

 ولم يكن مجرد مشترياً لهذه الآلآت بل يقضي وقتاً طويلاً في دراستها

 ودراسة النغمات المتنوعة التي يعطيها لينقل هذه الدراسة الى بلده مصر

 وهذا ماحدث مع أول آلة عالمية أشتراها وتدراسها

 مع عازف الأورج الأول مجدي الحسيني والتي كانت تعطي مئات النغمات 

وكأنها فرقة موسيقية كاملة لوحدها... 

وكانت علمية عبد الحليم تتجلى ايضاً في دخوله استوديو مصر

 لتسجيل اغنية من أغنياته قرب موعد الحفل..


 


وكان يقف أمام أجهزة التسجيل بنفسه ليضبط الجهاز مع نغمة الصوت ويسمع نفسه

 مرات ومرات قبل التسجيل النهائي..




 والغريب في عبد الحليم أنه كثيراً مايقضي أكثر من 20 يوماً 

في تسجيل اغنية بستوديو مصر مع الفرقة الماسية 

التي يهيىء اعضاءها مادياً وأدبياً كحافز للأجادة ثم يفاجئهم عند التسجيل الكامل المكتمل

 لهذا العمل بأنه بروفة نهائية للأغنية.. 

بعدها يصعد على خشبة المسرح ليقدم الأغنية

 ونحتفظ نحن هنا بالشريط النهائي للبروفة الأخيرة

 كما سماها والذي يصلح لأن يكون تسجيلاً نقياً خالصاً 

في الوقت الذي يكون عبد الحليم (قد أمر بأخذ التسجيل من الحفل)... 

يفعل هذا عبد الحليم بعد أن يكون قد أنفق مئات الجنيهات 

على هذا العمل في الأستوديو دون أن يستخدمه في شيء بل يتركه عندنا دون ندم

 على ما انفق مادامت ثماره قد اتت بفائدة.

 أخيراً اقول أنه بغياب عبد الحليم يكون قد غاب عنا الكثير.. 

غاب التدقيق في أختيار الجملة اللحنية الحلوة الراقية وترك المجال للغث 

من الموسيقى... وغاب التدقيق في أختيار الكلمة

 التي تتماشى مع سمعة بلدنا مصر الرائدة في مجالات الفن والفكر والأدب 

وترك المجال للكلمة الرخيصة المبتذلة لتنمو وتترعرع في أحضان تجارها 

الذين أصبح همهم نشرها بغض النظر عن سمعة مصر...

 أن عبد الحليم حافظ كان أمتحاناً صعباً لكل مؤلف يحلم أن يكتب كلمة له

 فيتفانى في الكتابة.. ويبذل العرق في سبيل الفكرة الجديدة... 

 وأمتحاناً اكثر صعوبة للملحن الذي يسهر الليل والنهار أيضاً 

ليدخل بيت عبد الحليم بنغم يضيف جديداً على عالم الموسيقى

 والا فلينتظر حتى يصبح أكثر نضجاً وكفاءة ثم يتقدم اخيراً... 

لقد كان عبد الحليم حافزاً للدراسة وقراءة أحدث ما كتبه شعراء العالم لصنع الكلمة..

 وكان حافزاً لأن يستمع كل ملحن لأحدث موسيقى في العالم

 ليزداد ثقافة تؤهله في النهاية للوصول

 الى لحن جيد يرتفع الى المكانة التي تليق بعبد الحليم حافظ وجمهوره الواسع..

 لقد خلق حليم نهضة فنية في الكلمة واللحن

 تخطت جذور مصر وأعطت مصر مكانتها الفنية بين دول العالم... 

وأذا كانت مصريته وضحت في كل ماغناه فان مصريته الحقة

 تلمع في مواقفه مع مصر وماقدمه من أغنيات
 في حبها أبتداءاً من قيام الثورة وحتى نصر السادس من أكتوبر العظيم... و....

 حتى الخميس القادم توفيق قاسم العقابي بغداد العروبة 22 ديسمبر 2022

ليست هناك تعليقات