سوريا وعلاقتها بالعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ لطالما كانت سوريا واحدة من الدول التي تلامس قلب العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ. لم ينسَ حليم فضلها عليه، فكانت سببًا رئيسيًا في شهرتِه عندما حققت أغنياته الأولى نجاحًا كبيرًا هناك، بينما لم تحققه في مصر. تعود بداية علاقة حليم بسوريا إلى عام 1958، بعد إعلان الوحدة بين مصر وسوريا تحت اسم "الجمهورية العربية المتحدة"، حيث غنى حليم يومها نشيد "غني يا قلبي"، من كلمات أحمد شفيق كامل وألحان محمد عبد الوهاب. مع ولادة الجمهورية العربية المتحدة، انطلقت الأغاني الوطنية في الترحيب بهذا الإنجاز الكبير، وكان الموسيقار محمد عبد الوهاب من المرحبين بهذا الاتحاد. ففي عام 1959 قدم نشيده الشهير "الوحدة" الذي عرف لاحقًا باسم "الوطن الأكبر"، وغناه مع مجموعة من النجوم مثل صباح، شادية، فايزة أحمد، ووردة.
في عام 1961، غنى حليم مع مجموعة من الفنانين أغنية "الثأر" كلمات أحمد شفيق كامل وألحان علي إسماعيل، ليظهر تأكيده على الوحدة العربية التي تمثلها الجمهورية العربية المتحدة. الغضب بعد الانفصال
لكن عندما حدث الانفصال بين مصر وسوريا في 1961، شعر عبد الحليم بحزن عميق وغضب، وسارع إلى تسجيل أغنيتين تعبران عن حزنه وآلمه. الأغنيتان من ألحان الموسيقار كمال الطويل، الأولى بعنوان "لا يمكن"، كلمات الشاعر صلاح جاهين، والتي بدأها حليم بكلمات قوية تعبر عن استحالة الرجوع إلى الوراء: "لا يمكن لا يمكن
لا يمكن ولا خطوة ح ترجع
لا يمكن، لا يمكن
لا نسيب الأرض ولا المصنع
دولة اشتراكية وح تفضل
في طريقها ماشية وح توصل
والفرقة لا يمكن رح تحصل لا يمكن لا يمكن…"
أما الأغنية الثانية فكانت من كلمات الشاعر عبد الوهاب محمد، الذي استلهمها من خطاب الرئيس جمال عبد الناصر، حيث أعلن عن الانفصال وتحدث عن الخونة الذين ساهموا فيه. هذه هي كلمات الأغنية التي ظلت مجهولة إلى أن تم الكشف عنها لاحقًا: "سمعت رئيسنا الصبحية بيتكلم اتكلم بس في صوته رنة عربي بيتألم ورئيسنا أما بيتكلم، بإسمع له لأنه الصادق الصادق اللي تملي بيقول للشعب حقايق لكن المرة دي سمعته، وسرحت بفكري
دقايق ودفايق قبل ما صدق
وبقيت مش قادر أتصور وأنقل من سمعي لقلبي
اخبار إنسان في بلادي يخرج م الصف العربي يخرج عن وحدة شعب من 30 مليون عربي." قرار عبد الناصر بمنع الأغنيات
عندما تم بث الأغنيتين، فوجئ الرئيس جمال عبد الناصر بحملة من الأغاني التي تهاجم من ساهموا في الانفصال. ومع انتشار هذه الأغاني، كانت هناك موجة من الهجوم الحاد على الشعب السوري، مما جعل عبد الناصر يصدر أوامر بمنع بث جميع الأغاني المتعلقة بالانفصال، ومن بينها أغنيات لعبد الحليم حافظ وأم كلثوم ونجاة وفايزة أحمد وغيرهم. من بين الأغاني التي تم منعها كانت قصيدة "سمعته" لنجاة، وأغنية "باسم مين" التي غنتها أم كلثوم، والتي لم تُعرض إلا عام 2000 ضمن ألبوماتها الوطنية. أما أغنيتي عبد الحليم حافظ، فقد ظلت ممنوعة حتى الآن، رغم كونها من الأغنيات المؤثرة التي تعكس الحزن والغضب. الختام
بعد مرور سنوات، بدأت بعض الأغاني الممنوعة تظهر إلى النور، ولكن ما يزال هناك الكثير من الأغاني الممنوعة التي تستحق أن تُعرض، مثل أغنيتي عبد الحليم حافظ. السؤال يبقى: هل يمكن لأحد المذيعين الوطنيين المخلصين، مثل الأستاذ إبراهيم حفني، أ ن يعيد هذه الأغاني المفقودة إلى الجمهور؟ وهل سيكون هناك من يقدر على إعادة تلك اللحظات التاريخية التي كانت جزءًا من الذاكرة الفنية؟
نادر جدا نعرض كلمات الأغنيتان اللتان منعهما عبد الناصر لعبد الحليم حافظ عن انفصال وحدة مصر وسوريا
مراجعة بواسطة
Rida M'hamdi
في
4/04/2025
التقييم:
5
أختر نظام التعليقات الذي تحبه
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق