ads

أخبار الموقع

كتاب أسرار حياتي بقلم عبد الحليم حافظ كاملا - الحلقة الثالثة

 نقدم لمتابعي موقع عش الأسطورة

كتاب أسرار حياتي

طبعة أصلية على حلقات




سنعمل باذن الله

على تقديم الحلقات مكتوبة وفي أسفل المقال تجدون الصفحات الأصلية مطبوعة 

قابلة للتحميل


كما انتهزها فرصة لتقديم شكري الخالص الى ستاذي الغالي

الذي اهداني هذا الكتاب الأستاذ أحمد من الدار البيضاء


كتاب أسرار حياتي 

الفصل الأول 

قلت للدكتور ماكبت اختي علية تهديك كتاب الله


الحلقة الثالثة

أمشي في الشارع واشترى لها ولي حلاوة، انتهت لعبة « ملك ولا كتابة
بالقرش حيث كنت اكسب منها العسلية ، انتهت ايضا حكاية تذكريها لي
يا علية بألا اتشعبط في العربات الحنطور ولا في سرادقات الأفراح
فعندما غنى عبد الوهاب مرة في الزقازيق صعدت اعلى السرادق ، لا ادری
حتى الان كيف حدث ذلك . ولكني رأيت أن عم محمود حنفي أول من درس
الى الموسيقى موجود في الحفل وان المطافي عندها سلم وان عم محمود
افندي يستطيع ان يناديها عندما يراني بعد نهاية الحفل سيأتي بالسلم الانزل
عليه . وظللت أسمع عبد الوهاب وانا معلق بين السماء والأرض ، وانتهى
الحفل ولا اعرف كيف نزلت ، وعدت الى البيت لاجد خالي في انتظاری
ولم يضربني ولكنه قال «خاف على نفسك .. انت وقعت قلبی » ۰۰ وكانت
كلمته حازمة .. قالت لي علية
- اوعى تأجر عجلة في مصر وتمشي بيها في الشوارع .. الشوارع هناك
زحمة
قالت اختى علية
أوعى تأجر فلوكة و تركبها في النيل النيل هناك فيه موج وغويط
قالت علية كثيرا
وفي الفجر حماني القطار الى القاهرة وكنت كل ما اعرفه عن
نفسي انني سأكون طالبا في معهد الموسيقی
وبعد سنين كثيرة كان
صوتي يعلن عن نفسه
اغنی
اغني كثيرا ، وعلى اسماعيل - كمال
الطويل يؤلفان الموسيقى واحمد فؤاد حسن يقود الفرقة
عندما ركبت القطار الى القاهرة ، كنت افكر في حبيبتي عليه ، كثيرا
ما سهرت من اجلها ، كثيرا ماكتمت رغبتي في أن أمشي في الشوارع وان
القول بأعلى صوتي أغنيات عبد الوهاب . ولا اعرف لماذا لم يكن صوتی
يعجبني ابدا وانا أغني اغاني غيري . لعل ذلك هو أحد الأسرار التي تصنع
نجاح المطرب :
أن يتمرد بينه وبين نفسه على كل الأصوات التي تغنى ، قد يقول أحد
ان هذا هو الغرور ، مرحبا بالغرور الخاص الذي لا يعرفه أحد، أن
الغرور ضروری جدا احساس يحاول الانسان ان يرضيه بالعمل
علية حبيبتي هي أول غرور مكسور في قلبي ، أول فرحة لا اعرف نهاية لها
واعرف انها بنت الجيران ، وانني احببتها أول ما جئت من الحلوات
وكما هي العادة تسرق بنات المدن انتباه ابناء القرى ، حدث ذلك معي ،
حدث ايضا ان قالت لي ان الحب في رواية « تحت ظلال الزيزفون اور
لا يمكن
الفضيلة للمنفلوطي » يرتوي بالدموع ويعاني من عدم الوفاء : وقلت لها
ولكن علينا لم يكن يدري انه لن يقدر على الوفاء.. هی سترضخ للعريس
الذي قدمه لها ابوها : وانا سافرت الى القاهرة لاغنى الحب
اشعر انني لا استطيع أن أحكي عنها كل التفاصيل ، فتفاصيل الحب
الأول دائما تزور الإنسان قطعة ، قطعة حادثا حادثا
كما انني الان وانا اكتب هذه المذكرات أبدو كانسان يسير في اكثر
من طريق في وقت واحد وانا لا أملك سوى قدمين اثنتين
منذ ايام ضحك صدیقی د. هشام عيسى وهو يقرأ مذكرات سلفادور
دالي الرسام السريالي المشهور والذي يعيش في حالة رفض لكل التقاليد
سالته لماذا يضحك ۰۰ قال :
ان سلفادور دالى يقول : عندما بدأت اكتب مذكراتی احسست انني
كمن يرتدي حذاء ضيقا ويريد أن يصرخ بكل شيء مرة واحدة
لفادور دالي على حق ، كتابة المذكرات تبدا دائما من رغبة في
الصراخ بكل ما حدث في الحياة ، أصرخ الأن بالورق والقلم بحثا عن
الصفاء القديم : دائما الماضي صاف جدا
أريد الآن أن أعتذر لعلية حبيبتي الأولى ، اعتقد انني حكيت بعض
التفاصيل عنك ، لقد حاولت ان اغلف شخصيتك تماما بحيث تظلين في
حالة هدوء دون ان يزعجك احد ابنائك ويسألك « لماذا احببت واحدا غير
ابينا ، ومن المؤكد أن أباه أفضل منى وأجدر بك وبحبك ، أنني أحب هذا
الاحساس بالفخر من الأبناء ، لأني لم اعشه أبدا فقدت أمي فلم افخر
بها
وفقدت ابی فلم أفخر به، وهل يفخر الانسان بما لم يره جيدا
بما لم يعرفه ؟! احيانا اشعر انني في حاجة الى أمي وأن اعتذر لها
لأنها
ماتت لحظة ميلادي ، لا يعرف احد عذاب أن يقضي الإنسان حياته بأكملها
وهو لا يعرف ملامح والدته ، وفي الزمن الذي كانت فيه والدتي ، لم تكن
النساء في الريف يذهبن الى المصور ليأخذ لهن صورة ، لم يبق من امي
و اوصاف اسمعها ، وبقيت صورة لابی ، حتى هذه الصورة فقدناها
وان اقل من بيت الى اخر : لكن هذه الصورة محفورة في خيالي
یاه »
وجه طيب للغاية . لقد تحدثت مع هذه الصورة كثيرا . وانا طفل . سألته
لماذا سافر إلى السماء ، ماذا يرى هناك ما شكل الجنة ، هل النار
قاسية جدا على اهلها وهل يراهم وهو في الجنة ، كنت أجلس امام الصورة
وأسألها أن تحكي لي حدوته
وكانت الصورة صامتة ، وكان خيالي يرسم لى حركة الشفتين وهما
تقولان ليه كان ياما كان ياسعد . یا اکرام ، واحد فقير غلبان اسمه على
بابا : وعلی بابا وجد الكنز والكنز اغناه عن الناس ، ولم يكن طماعا
وكان يحب كل الناس وكان يشتري ملابس جديدة لكل الناس وكان
يشتري كرة كبيرة لكل طفل : وكان يعطى لكل طفل كلبا صغيرا يحميه من
الناس وهو يسير في حقل الذرة وكانت العفاريت تخاف من على بابا
وكان على بابا يحبس العصا التي يمسكها الشيخ في الكتاب ليضرب بها
الأطفال ، وأراد على بابا أن يحب فتزوج
اة اليتيمة التي
قست عليها زوجة الاب ، كان على بابا
الأمير
ياما سمعت من
حواديت من صورة ابي ، كنت آخذ الصورة واجرى بها إلى الغيطان لاسمع
منها الحواديت كلها ، وكثيرا ما سالت صورة أبي هذا السؤال الصعب :
هل ماما زعلانه مني لانها ماتت بسبب ميلادي ؟ قلت ذلك مرة لصديقي
ف فرنسيس : رأيته مرة وهو مليء بالحيرة والقلق وهو
يشاركني في انه لم ير أمه ولا يعرف صورة لها ، ويبحث عنها دائما ۰۰
يا يوسف لا فائدة .. حلمك بان ينتصر الانسان على الموت سيظل هو الدافع
الذي يخلق الفنون ، ولكن لا اعتقد اننا سنستطيع ان تحصل على الة
التصوير التي يمكنها أن تلتقط صورة شخصية اختفت تحت التراب ، نعم
أحلم أحيانا أن يخترع العلم كاميرا تتصور الماضي . حكيت هذا الحلم
اليوسف فرنسيس فضحك وقال انه يصلح موضوع رواية طويلة يكتبها فنان
عالم
ضحكنا واثناء الضحك برق في ذهني انهم رفضوا ان يرضعونی
لحظة ميلادي : من تموت أمه في الحلوات لا يرضعونه الا بعد انتهاء ليالى
المأتم الثلاث ، ويقال أن الذي لا يرضع من ثدي أمه يكون عرضة للامراض
هذه الفكرة وأومن بها كثيرا . ان يد الام حتى وهي تمس
بزجاجة اللبن الصناعي تحمل دفئها للطفل وأي حنان اخر غير حنان الأم
مو حنان مغشوش ، الطفل يرغب في الحنان الصافي ولا يمكن أن يهمل
فاقد الحنان مهمته الوحيدة وهي أن يبحث عن الحنان ، وفي الحلوات كان
الفنان 
الحنان هو أن أسمع الحدوتة من صورة ابي : وهو أن استسلم لعلية اختي
وهي تسخن على الماء لأخذ حماما : وهو الاوامر بألا أخرج إلى الشارع
والحنان في الزقازيق هو الجري وراء علية حبيبتي وهو لعبة
الشايب ، الغالب والمغلوب ، والحنان في القاهرة هو الجلوس مع اسماعيل
شبانة، ووصاياه ولكن لم اجد الحنان بعد أن تخرجت من المعهد العالي
للموسيقى المسرحية ، ففوجئت بأنه قد تم تعييني في ثلاث مدارس البنات
دفعة واحدة يومين في طنطا ويومين في المحلة ويومين في سمنود
مسألة صعبة أن أظل متأرجحا بين ثلاث مدن في وقت واحد
و كنت دائما
متأخرا وكنت دائما عرضة لان اغيب وكانوا يعاملون الموسيقى في
المدارس كمادة غير مهمة وكنت ادرس للبنات ، وكان قلبي يشتاق إلى الحب
ككل قلوب الشباب عصفورا يبحث عن عصفورة وان يطير الاثنان بعيدا
تأخرت عن المدارس الثلاث ثلاثة شهور متقطعة ، كان احمد نجيب هاشم
احد كبار المسئولين في وزارة المعارف ، استدعاني ليعرف السر وراء غیابی
المتقطع كان سؤاله :
لماذا تتأخر كثيرا عن الحصص ؟ هل هناك مشكلة ما ۰۰۹ اذا كانت
هناك مشكلة قلها لأجلها لك انت تعرف ان هناك قانونا قد صدر اخيرا
بفصل من يغيب 15 يوما متتالية بدون اذن
وكنت لا املك سوى اجابة واحدة «لا أدري ، لم اكن اقوى على ان
اقول الحقيقة كاملة
هل اقول له انني لست مقتنعا بأن استيقظ مبكرا وان اقف في حصة
اعزف فيها البيانو ، وان عمري 17 سنة وانني اصغر مدرس للموسيقى في
مصر كلها .. وان درجتي الوظيفية في السادسة الفنية ومرتبها ۱۷ جنيها
وعدة قروش وهي لا تفي بابونية القطار وبقية مصاريفه حیاتی واننى احيانا
اشعر بأنني يجب ان اقف ككل الشبان على باب مدرسة البنات وان انتظر
واحدة منهن واسير معها في الحقول وان اقول الحقيقة الحقيقة انني
احيانا اضحك على نفسي وانا واقف امام البنات في حمص
ة الموسيقي
واحيانا اغض ب من نفسي ، فليس هنا مکانی ، ولي مكان اخر في وظيفة
أخرى لا اعرفها ، وانني اعنى كل أغنيات عبد الوهاب وكل أغنيات أم كلثوم
وكل الاغنيات في صوتي لا تعجبني ، وانني مازلت احفظ حكايات كثيرة
سمعتها في ردهات معهد الموسيقي عن محمد عبد الوهاب الصوت الجميل
الأنيق ، واشاعات كثيرة تتلاحق حول اخبار الحب في قلبه ، وانه يملك قدرة خرافية على التهام الطعام وانه يخاف من الزكام. وخرجت من مكتبه يملأني احساس بالحرية... لم أعد موظفا








www.7alim84.blogspot.com



ليست هناك تعليقات